كان مزاجها زنجبيلا
آيات كثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى تتحدث عن نعيم الجنة وما أعده الله لعباده المتقين قال تعالى: {و يسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا} [سورة الدهر: الآية 17.
قال الطبري: {كأساً} هي كل إناء كان فيه شراب فإذا كان فارغاً لم يقل له كأس وإنما يقال له إناء.وقال ابن عباس: يريد الخمر {كان مزاجها زنجبيلا} كان مزاج الكأس التي يسقون منها زنجبيلا، أي يمزج لهم شرابهم بالزنجبيل.قال القرطبي: كانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته لأنه يحذو اللسان ويهضم المأكول فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب.
و الزنجبيل Zingiber Ginger نبات عشبي عطري معمر ريزومي – أي أنه ينبت من سوق عرضية طولها 1 _ 1.5 متر يخرج منها عدة سوق هوائية. أوراقه رمحية تستدق عند القاعدة سطحها أملس ولونها أخضر داكن. تحصد سوقه الهوائية عندما تبدأ بالذبول ثم تحفر الأرض وتستخرج السوق الأرضية – الريزومات -التي تغسل وتقشر وتقطع ثم تنقع بالماء أو تغلى في محلول سكري ثم تجفف وتحفظ للاستعمال. موطنه الأصلي جنوب شرقي آسيا وينحصر إنتاجه في المناطق الاستوائية .
استخدمه الصينيون والهنود منذ القديم كعلاج وتابل. يقول عنه جالينوس: إسخانه إسخان قوي، إذا أردنا أن نسخن البدن كله بالعجلة وجب أن نأكل الزنجبيل. وقال ابن ماسويه: الزنجبيل نافع من السدد في الكبد الحادث عن الرطوبة والبرد، معين على الجماع، محلل للرياح الغليظة في المعدة والأمعاء، وقال عنه ابن سينا: أنه يزيد الحفظ ويجلو الرطوبة عن نواحي الرأس والحلق وينفع من سموم الهواء.
قال ابن القيم: ذكر أبو نعيم في كتابه (الطب النبوي) من حديث أبي سعيد الخدري (رض)أنه قال: أهدى ملك الروم إلى رسول الله ص جرة زنجبيل فأطعم كل إنسان قطعة وأطعمني قطعة. والزنجبيل مسخن، معين على هضم الطعام ملين للبطن. ينفع من ظلمة البصر الحاصلة عن الرطوبة: أكلاً واكتحالاً، معين على الجماع، صالح للكبد والمعدة، والمزّي منه يهيج الجماع ويزيد المني، ينشف البلغم ويطيب النكهة ويُدفع به ضرر الأطعمة الغليظة …. ريزوماته الشحمية تحتوي على أصماغ وراتنجيات دهنية ونشاء وزيت طيار يعطيه الرائحة العطرية التي تنبعث منه ويتكون من الكامفين Camphine واللينالول Linalol. وراتنج زيتي غير طيار هو الجنجرين الذي يعطيه الطعم اللاذع.
و تشير المصادر الطبية الحديثة إلى عدد من الاستعمالات الطبية الهامة للزنجبيل فهو يملك خواص مطهرة ومقوية ومضادة للحفر. خلاصته المائية من الأدوية الجيدة لأمراض العين كما تعطى داخلاً لتوسيع الأوعية الدموية وكمادة معرقة. كما يستعمل كمنعش ومنبه للقلب والتنفس، طارد للرياح، مضاد للمغص ومسكن للألم المعوي، لذا يفيد مزجه مع السنا فيمنع غثيانه ويصيره أقل شدة واستطالة. وبشكل عام فإن مزجه مع المسهلات يمنع حدوث المغص الناجم عنها. مَغليه منفث يفيد في النزلات البردية ويعتبر مضاداً للسعال، كما يصنع منه مربى يفيد في معالجة الآفات الصدرية. كما يمكن أن يغلى مع الشاي أو يسحق ويعجن مع العسل ويؤكل كغذاء مقو عام ومنشط للباه.
كما يعتبر مشهياً ومفرزاً للغدد لذا يستعمله الكثيرون كتابل يدخل في صناعة الحلوى والفطائر والمخللات والحساء لتطييب نكهة الطعام. كما يطبق معجون مسحوقه مع العسل موضعياً على الجلد والمفاصل كمسكن. هذا ولما كان الزنجبيل يحتوي على مقادير وافرة من المركبات الحريفة والقابضة فيجب تناوله باعتدال وعدم الإكثار منه وإلا أضرّ بالأغشية المخاطية للطرق الهضمية.
و يعتبر الزنجبيل منشطاً عطرياً يزيد من إفرازات المعدة بملامسته لبطانتها، وهو يقوي المعدة ويفيد لمعالجة أسواء الهضم وبعض اضطربات المعدة المشابهة بما فيها الناتجة عن دوار البحر، كما يفيد في طرد الغازات. وهو يعمل على تلطيف الحرارة وإزالة الظمأ لذا فهو يستخدم في الحميات والأنفلونزا، ويعطى شتاءً من أجل تدفئة الجسم. وهو مطمث عند المرأة، ويخفف من تأثير السموم على الجسم.
مراجع البحث
الإمام ابن جرير الطبري: عن كتابه (جامع البيان عن تفسير آي القرآن).
الإمام القرطبي: في تفسيره المسمى (الجامع لأحكام القرآن).
ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).
حسان الكاتب: عن كتابه (الموسوعة الموجزة) دمشق: 1978.
محمد بدر الدين زيتوني: عن كتابه (الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب) دمشق: 1986.
أحمد قدامة: عن كتابه (قاموس الغذاء والتداوي بالنبات) بيروت: 1982.
أيمن عزت الطباع: عن كتابه (المرشد إلى طبابة الأعشاب) 1984.
زياد عبد الرحيم: عن مقالة (فوائد ومضار التوابل) مجلة البلسم، أيار: 1988